الجمعية الموريتانية للتمريض تنشر تقرير المجلس الدولي للتمريض السنوي حول وضعية التمريض في العالم

يُقدم المجلس الدولي للممرضات (ICN) تقريره السنوي بمناسبة اليوم العالمي للتمريض 2025، تحت عنوان “الاعتناء بالممرضين من أجل اقتصاد أقوى”. هذا التقرير هو دعوة واضحة للاعتراف بالدور الحاسم للممرضين ليس فقط في تقديم الرعاية الصحية، بل أيضاً في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو على الصعيد العالمي. يهدف التقرير إلى تسليط الضوء على التحديات الراهنة التي تواجه مهنة التمريض، مع إبراز المساهمات الاقتصادية الهائلة التي يقدمها الممرضون والممرضات، ويختتم بتقديم توصيات استراتيجية موجهة للحكومات وأصحاب المصلحة لضمان مستقبل مزدهر ومستدام لهذه المهنة الحيوية.

I. التحديات

تُعد مهنة التمريض اليوم على مفترق طرق، حيث تواجه مجموعة معقدة من التحديات التي تهدد قدرتها على تلبية الاحتياجات الصحية المتزايدة للسكان. من أبرز هذه التحديات:

  • النقص المزمن في القوة العاملة التمريضية: يعاني النظام الصحي العالمي من نقص حاد في أعداد الممرضين، وهو ما يتفاقم بسبب شيخوخة القوى العاملة الحالية، وعدم كفاية القدرات التدريبية، ومعدلات التسرب العالية. هذا النقص لا يقتصر على البلدان النامية فحسب، بل يمتد ليشمل الاقتصادات المتقدمة أيضاً، مما يؤدي إلى زيادة العبء على الممرضات الموجودات وتقليل جودة الرعاية.
  • ظروف العمل القاسية والإرهاق الوظيفي: يعمل الممرضون في بيئات عمل تتسم بالضغط الشديد، وساعات العمل الطويلة، والتعرض المستمر للمخاطر الصحية والنفسية. وقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم هذه الظروف، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الإرهاق الوظيفي (Burnout)، والاكتئاب، والقلق بين الممرضين. هذا الإرهاق يؤثر سلباً على جودة الرعاية المقدمة ويزيد من احتمالية مغادرة المهنة.
  • الأجور والمكافآت غير الكافية: على الرغم من المسؤوليات الكبيرة والمهارات المتخصصة التي تتطلبها مهنة التمريض، فإن الأجور في العديد من البلدان لا تعكس القيمة الحقيقية لعمل الممرضين. هذا النقص في الأجور والمزايا يؤثر على جاذبية المهنة ويساهم في صعوبة استقطاب الشباب إليها والاحتفاظ بالكفاءات.
  • نقص الاستثمار في التعليم والتطوير المهني: لا تزال هناك فجوة كبيرة في التمويل المخصص لتعليم وتدريب الممرضين، فضلاً عن نقص فرص التطوير المهني المستمر. هذا يحد من قدرة الممرضين على مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي في مجال الرعاية الصحية، ويؤثر على جاهزيتهم لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية.

II. المساهمة الاقتصادية غير المُقدّرة لمهنة التمريض

غالباً ما يُنظر إلى التمريض كخدمة صحية بحتة، إلا أن التقرير يؤكد على مساهماته الاقتصادية الكبيرة التي غالباً ما يتم التغاضي عنها:

  • تعزيز رأس المال البشري: يساهم الممرضون بشكل مباشر في الحفاظ على صحة الأفراد والمجتمعات، مما يزيد من إنتاجية القوى العاملة ويقلل من أيام الغياب عن العمل بسبب المرض. عندما يكون السكان أكثر صحة، يكونون أكثر قدرة على المشاركة في الأنشطة الاقتصادية.
  • خفض تكاليف الرعاية الصحية: من خلال التركيز على الوقاية والرعاية الأولية وإدارة الأمراض المزمنة، يساعد الممرضون في تجنب الحالات التي تتطلب دخول المستشفى الباهظ الثمن أو العلاج المكثف. هذا يوفر مليارات الدولارات على الأنظمة الصحية ويحرر الموارد للاستثمار في مجالات أخرى.
  • خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي: يعتبر قطاع الصحة، والتخصصات التمريضية على وجه الخصوص، محركاً رئيسياً لخلق فرص العمل. الاستثمار في التمريض يعني خلق المزيد من الوظائف، مما يقلل من البطالة ويدعم النمو الاقتصادي في المجتمعات.
  • الاستجابة للأزمات الصحية: أظهرت الأوبئة والأزمات الصحية، مثل جائحة كوفيد-19، أن الممرضين هم العمود الفقري للاستجابة السريعة والفعالة. قدرتهن على التكيف والعمل تحت الضغط تحمي الصحة العامة وتمنع الانهيار الاقتصادي خلال الأزمات.
  • الحد من التفاوتات الصحية: لعب الممرضين دوراً محورياً في توفير الرعاية الصحية للمجتمعات المحرومة والريفية، مما يسهم في تحقيق العدالة الصحية والاجتماعية. هذا الوصول المتساوي إلى الرعاية الصحية يعزز التنمية الشاملة ويقلل من الفجوات الاقتصادية.
  • تعزيز السياحة الصحية: في بعض البلدان، تساهم جودة الرعاية التمريضية في جذب السياحة العلاجية، مما يدر دخلاً إضافياً للاقتصاد الوطني.

III. توصيات استراتيجية لتعزيز مهنة التمريض

يقدم التقرير مجموعة من التوصيات العملية والموجهة للحكومات والمنظمات الصحية والجهات المانحة لضمان مستقبل مزدهر لمهنة التمريض:

  • الاستثمار الاستراتيجي في تعليم التمريض: يجب زيادة التمويل المخصص لبرامج تعليم التمريض على جميع المستويات، وتطوير المناهج الدراسية لتلبية الاحتياجات الصحية المتغيرة، وتوفير فرص التعلم مدى الحياة والتطوير المهني المستمر.
  • تحسين ظروف العمل وبيئاته: يجب أن تعمل الحكومات والمؤسسات الصحية على خلق بيئات عمل آمنة وداعمة، وتحديد نسب مناسبة للممرضين إلى المرضى، وتوفير المعدات والموارد اللازمة. كما يجب تنفيذ سياسات للحد من العنف في مكان العمل.
  • أجور ومزايا عادلة وجذابة: من الضروري مراجعة هياكل الأجور والمزايا لضمان حصول الممرضين على تعويض عادل يتناسب مع حجم مسؤولياتهم وخبراتهم، مما يجعل المهنة أكثر جاذبية ويشجع على الاحتفاظ بالكوادر.
  • تعزيز الصحة النفسية والدعم: يجب توفير برامج دعم الصحة النفسية، وخدمات الاستشارة، وآليات التعامل مع الإجهاد للممرضين. هذا يشمل توفير فترات راحة كافية، وتقديم الدعم النفسي بعد الحوادث الصادمة.
  • الاعتراف بقيمة التمريض وتقديرها: يجب أن تعترف المجتمعات والحكومات والمؤسسات بالدور الحيوي الذي يلعبه الممرضون، ورفع مكانة المهنة من خلال حملات توعية عامة وبرامج تقدير.
  • تمكين القيادة التمريضية: يجب إشراك الممرضين في عمليات صنع القرار على جميع المستويات، من مستوى الرعاية المباشرة إلى وضع السياسات الوطنية والدولية. خبرتهن العملية لا تقدر بثمن في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية.
  • تحسين جمع البيانات والبحث: من الضروري تحسين جمع البيانات المتعلقة بالقوى العاملة التمريضية وتحليلها، لفهم أعمق للتحديات والاتجاهات، وتطوير حلول قائمة على الأدلة.
  • تعزيز الشراكات والتعاون الدولي: تتطلب التحديات العالمية استجابات عالمية. يجب تعزيز التعاون بين الحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص لمعالجة القضايا المتعلقة بالتمريض.

 

يخلص تقرير المجلس الدولي للتمريضل 2025 إلى أن الاعتناء بالممرضين  ليس مجرد التزام أخلاقي، بل هو استثمار استراتيجي حكيم يعود بفوائد جمة على الصحة العامة والاقتصاد العالمي. إن الممرضين هم أساس النظم الصحية المرنة والقادرة على الاستجابة، وهم شريك لا غنى عنه في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. من خلال الالتزام بالاستثمار في تعليم علوم التمريض، وتحسين ظروف عمل الممرضين، وتوفير الأجور العادل لهم، وتمكين قيادتهم، يمكننا أن نضمن ليس فقط رعاية صحية عالية الجودة للجميع، ولكن أيضاً بناء اقتصادات أقوى وأكثر استدامة. “ممرضونا هم مستقبلنا.” هو شعار يعكس هذه الحقيقة الجوهرية.

التقرير :

ICN_IND2025_report_FR_A4_FINAL_0 (1)

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى